أولاً : ذلك من خلال شهادة الكتاب المقدس ، ورغم إنه لم يذكر عددها صريحا إلا أنه أوضح لنا كل سراً منها وفعله وشروطه على حدةٍ مبيناً أن السيد المسيح قد أسسها ، وذلك يثبت أن عدم إتفاق المعترضين فى بادىء الأمرعلى عددها هو دليل أكيد على صحة تعاليم الكنيسة الأصلية .
ثانياً : وذلك من خلال شهادة التقليد ، فأنه لدينا أقولاً من جميع اَباء الكنيسة فى كل العصور الأولى تُثبيت اعتقاد الكنيسة وتسليمها الأسرار السبعة . وهنا لا محل للأعتراض بأن بعض الاَباء لم يتكلمو فى مؤلفاتهم عن جميع الأسرار ، بل أ، بعضهم إما لضرورة وإما لمقاصد خاصة أو لأسباب أخرى لم يتكلموا عنها دفعة واحدة ، بل تكلم بعضهم عن سرين ، وبعضهم عن ثلاثة وغيرهم عن أربعة ، وذلك تبعا لما اقتضله مقام الكلام وقتئذ ، لأن شرح كل سر منها أو أكثر لا ينفى عدم الأعتقاد بباقى الأسرار . والخلاصة أن جميع الاَباء يشهدون لهذة الأسرار السبعة شهادات صريحة .
ثالثاً : شهادة الأتفاق العام بين جميع الكنائس الشرقية والغربية ، ومع وجود الأختلاف بينهما فى أمور كثيرة ، فأنها فى هذا التعليم على إتفاق تام ، وهذا أكبر دليل على أن التعليم بالأسرارالسبعة تسليم رسولى تسلمته الكنيسة منذ إبتدائها ، ولم تأخذه من كنيسة اَخرى بدليل وجوده فى الكنائس قبل انشقاقها ، ولا يمكن تعيين الذى شرع فيه بمباشرة الأسرار السبعة ، وأقوال جميع الاَباء و الاَثار القديمة تدل على أن الأسرا السبعة كانت معروفة وجارى العمل بها منذ العصر الرسولى . قال العلامة أوريجانوس وعنه اَخذ القديس أوغسطينوس وأشار إليه ترتليانوس بقوله : " هل يُعقل أن الكل يتفقون على الضلال ، فأننا نعرف حق المعرفة أن لا وحدة فى الكذب والبهتان . وعلى ذلك فأن ما نراه واحداً لدى الجميع لابد أن يكون تعليماً إلهياً منزهاً عن الغلط قد اُخذ عن المسيح ورسله ".
رابعاً : لأن الأسرار السبعة التى تُمنح بها مواهب الروح القدس نعمة كافية ومناسبة لحاجات الأنسان اللازمة له فى حياته . ولذلك فكما أن الأنسان يولد ميلاداً جسدياً هكذا بالمعمودية يولد ميلاداً روحياً ثانياً ، والمولود يحتاج إلى قوى تثبته فى حياته فينال هذة القوة بتثبيته بسر الميرون ، ولشدة حاجته إلى طعام روحى يغذيه فقد وهب له سر الشركة الغذاء والشراب الروحى ، وبما أنه عرضة للخطأ والأمراض فقد اعطى له سر التوبة لمغفرة الخطاياه ، وسر المسحة لأمراضه الجسدية و ضعفاته النفسية ، وسر الزيجة ليقدس رباط الزواج لحفظ أعضاء الكنيسة ونموها بواسطة اولادة الطبيعية ، ولحاجة الطنيسة إلى رعاة ومعلمين ومدبرين وخدام لخدمة الأسرار ورعاية الشعب اُعطى سر الكهنوت . فمن ذلك يتضح أن الأسرا ملائمة و موافقة لحاجات الأنسان .
خامساً : لأن الأسرار المقدسة السبعة مقابلة لمواهب الروح القدس السبع ( أش 2:11 ) وللكنائس والمنارات الذهبية السبعة ( رؤ 12:1-13 ) و للكواكب السبعة التى كان السيد ضابطاً اياهل بيده ( رؤ 16:1 ) وللأختام السبعة التى كان مختوماً بها الكتاب الذى راَه النبى فى يمين الجالس على العرش ( رؤ 1:5 ) و للأبواق السبعة التى اُعطيت بعد فتح الكتاب السرى ( رؤ 1:8-2 ) ولذلك أن عدد سبعة مشهور فى الكتاب المقدس ، وهو دليل الكمال ، فالأسرار السبعة هى الأعمدة التى نحتتها الحكمة فى بيتها ( أم 1:9 ) أى فى الكنيسة .