نعم إن للفخارى سلطاناً على الطين أن يصنع منه ما يشاء إناء للكرامة ، أو إناء للهوان .
وليس للطينة أن تقول " لماذا صنعتنى هكذا "
ولكن الفخارى أيضاً حكيم وعادل ...
ومن التفسيرات الجميلة التى سمعتها عن هذا الموضوع : إن الفخارى - مع كامل حريته وسلطانه - ينظر بحكمة إلى قطعة الطين .
فإن رآها جيدة وناعمة ولينة جعل منها آنية للكرامة لأن صفاتها تؤهلها لذلك ...
من غير المعقول أن تقع طينة رائعة فى يد فخارى حكيم ، فيصنع أناء للهوان والإ أساء التصرف ، حاشا ...
أما أذا كانت الطينة خشنة ورديئة ولا تصلح إناء للكرامة ، فإن الفخارى - بما يناسب حالتها - سيجعلها إناء للهوان .
إنه على قدر إمكانه ، يحاول أن يصنع من الطين ، كل الطين ، الذى امامه اوانى للكرامة ، بقدر ما تساعده صفات الطين على ذلك .
الأمر إذن وقبل كل شىء يتوقف على حالة الطينة ومدى صلاحيتها ، مع اعترافنا بسلطان الفخارى وحريته ، ومع ذلك ذكرنا لعدله وحكمته .
ولذلك قال الرب " هوذا كالطين بيد الفخارى أنتم هكذا بيدى يا بيت إسرائيل . تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقلع والهدم والإهلاك . فترجع عن شرها تلك الأمة التى تكلمت عليها فأندم على الشر الذى قصدت أن أصنعه بها . وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس فتفعل الشر فى عينى ولا تسمع لصوتى فأندم على الخير الذى قلت إنى أحسن إليها به " ( أر18 :6-10 ) .
إذن بإمكان الطينة أن تصلح مصيرها .
يذكرنا هذا بمثل الزارع الذى خرج ليزرع ( مت 3:13-8 ) .
الزارع هو نفس الزارع ، البذار هى نفس البذار ، وهو يريد للكل إنباتاً .
ولكن حسب طبيعة الأرض التى سقطت عليها البذار هكذا كانت نتيجتها فى التلف أوالإنبات .
إن الزارع لم يعد بذاراً للجفاف أو للأحتراق ، أو لتختنق بالشوك ، أو ليأكلها الطير .
ولكن طبيعة الأرض هى التى تحكمت فى الأمر .
لا تقل إذن ما ذنبى إن صرت آنية للهوان ؟!
إنما كن طينة لينة صالحة فى يد الخزاف العظيم .
وثق أنه لابد سيجعل منك آنية للكرامة .
والأمر لا يزال بيدك ...
المصدر / كتاب سنوات مع أسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث