السيد المسيح لم يقصد مطلقاً السيف بمعناه المادى الحرفى ...
بدليل إنه بعد قوله عذا بساعات ، فى وقت القبض عليه ، إستل بطرس سيفه ، وضرب عبد رئيس الكنهة فقطع أذنه ...
حيئذ قال له الرب : رد سيفك إلى غمده ( يو 10:18 ) . " لأن كل لذين يأخذون بالسيف ، بالسيف يهلكون " ( متى26 :51،52 ) .
فلو كان السيد يدعوهم إلى استخدام السيف ، ما كان يمنع بطرس عن استخدامه فى مناسبة كهذه .
ولكن الرب كان يقصد السيف بمعناه الرمزى ، أى الجهاد ...
كان يكلمهم وهو فى طريقه إلى جسثيمانى (لو 39:22 ) ، أى فى اللحظات الأخيرة التى تكلم فيها مع الأحد عشر قبل تسليمه ليصلب ، ولذلك بعدأن قال " فليبع ثوبه ويشتر سيفاً ، قال مباشرة : لأنى أقول لكم إنه ينبغى أن يتم فى أيضاً هذا المكتوب " وأحصى مع أثمة " ( لو 37:22 ) .
فما هو الخط الذى يجمع هذين الأمرين معاً ؟
كأنه يقول لهم : حينما كنت معكم ، كنت أحفظكم بنفسى ، كنت أنا السيف الى يحميكم . أما الآن فأنا ماض لأسلم إلى أيدى الخطاة ، وتتم فى عبارة " واحصى مع أثمة " ... إهتموا إذن بأنفسكم وجاهدوا ...
ومادمت سأفارقكم ، فليجاهد كل منكم جهاد الروح ، ويشتر سيفاً ...
وقد تحدث بولس الرسول فى رسالته إلى أفسس عن " سيف الروح " وعن " سلاح الله الكامل " ، ودرع البر ، وترس الإيمان ( أف 11:6-17 ) . وهذا ما كان يقصده السيد المسيح " ليكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس فى تلك الحرب الروحية ...
ولكن التلاميذ لم يفموا المعنى الرمزى وقتذاك . فقالوا هنا سيفان ...
كما قال لهم من قبل بنفس المعنى الرمزى " إحترزوا من خمير الفريسيين " يقصد رياءهم ( لو 1:12 ) ، وظنوا أنه يتكلم عن الخبز ( مر 17:8 ) ... هكذا قالوا وهو يكلمهم عن سلاح الروح " هنا سيفان " ، فأجبهم هذا يكفى ... أى يكفى مناقشة فى هذا الموضوع ، إذ الوقت ضيق حالياً ... ولم يقصد السيفين بعبارة " هذا يكفى " وإلا كان يقول هذان يكفيان ...
لذلك ينبغى أن نميز ما يقوله الرب بالمعنى الحرفى ، وما يقوله بالمعنى الرمزى . وسياق الحديث يبين أحياناً
المصدر / كتاب سنوات مع أسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث