مجىء يوحنا بروح إيليا ، معناه أنه أتى بأسلوب إيليا وطريقته ومنهجه ورحه فى العمل ... فكيف ذلك ؟
1- كان إيليا ناسكاً ، وكذلك كان يوحنا المعمدان ...
إيليا كان " رجلاً أشعر يتمنطق بمنطقة من جلد على حقويه " ( 2مل 8:1 ) نفس الشكل والمنظر .
إيليا كان يسكن البرية ، فى جبل الكرمل ( 1مل 42،19:18 ) أو فى مغارة بجبل حوريب ( 1مل 9:19 ) ، أو فى علية ( 1مل 19:17 ) أو عند نهر كريث ( 1مل 3:17 ) . ويوحنا المعمدان كان فى البرية ( مت 1:3 ، لو 2:3 ) وإلى جوار نهر الأردن . وكاُن صوُت صارخ فى البرية ( مر 3:1 ) .
2- إيليا ، بدأ بحياة الوحدة والتأمل واختاره الله للخدمة والنبوة ، ويوحنا هكذا أيضاً عاش حياة الوحدة فى البرية ، ثم الكرازة بالتوبة .
3- إيليا كان شجاعاً حازماً فى الحق . يقتل أنبياء البعل ( 1مل 40:17 ) ، ويقول تنزل نار من السماء فتأكل الخمسين ( 2مل 10:1 ) ، ويوحنا المعمدان كان شديداُ فى توبيخ الخطاة . وكان يقول " قد وضعت الفأس على أصل الشجرة فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى فى النار " ( لو 9:3 ) .
4- إيليا وبخ آخاب الملك ، وقال له " أنت مكدر إسرائيل أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء البعليم " ( 1مل 18:18 ) ، وبخه وأنذره لقتله نابوت اليزرعيلى
( 1مل 21 :20-36 ) ، وكذلك أنذر بعقوبة الملكة إيزابل .
ويوحنا المعمدان وبخ اللمك هيرودس . وقال له " لا يحل لك أن تكون لك إمرأة أخيك " ( مر 20:6 ) . إذن يوحنا كان بنفس روح إيليا وأسلوبه .
وعبارة " روح إيليا " تذكرنا بطلبة أليشع منه ...
كانت الطلبة التى طلبها أليشع من معلمه إيليا قبل صعوده إلى السماء هى " ليكن نصيب إثنين من روحك على " ( 2مل 9:2 ) . وكان له كذلك .
فلما صنع معجزات بنفس إيليا ، ورآه بنو الأنبياء قالوا " قد استقرت روح إيليا على أليشع فجاءوا للقائه وسجدوا له " ( 2مل 15،14:2 ) .
فإن كان الأمر مسألة تقمص ، فما معنى عبارة" إثنين من روح إيليا " ؟
هل إيليا له روحان ؟ ول تقمصت روحه فى أليشع ، قبل تقمصها فى يوحنا ؟!
إنما هى قوة مضاعفة ، ضعف القوة التى كانت فى إيليا حلت على أليشع . ونفس القوة كانت فى يوحنا .
والرسول حينما يقول " مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح .. روح واحد ، كما دعيتم إلى رجاءدعوتكم الواحد " ( أف 4،3:4 ) ، لا يعنى حرفية الكلمة ، أن يكون للكل روح واحد ، وجسد واحد ، بل نفس المنهج والأسلوب .
وبنفس المعنى عبارة " قلب واحد ، ونفس واحدة " التى قيلت عن جمهور الذين آمنوا فى العصر الرسولى ( أع 32:4 ) .
أما تقمص الأرواح فلا تؤمن به المسيحية ...
لأن الروح عندما تخرج من الجسد لاترجع مرة أخرى إلى هذا الجسد أو إلى جسد آخر .
إنما كانت بارة تذهب إلى الفرودس ، كروح اللص ، وإن كانت شريرة تذهب إلى الجحيم ، كروح الغنى الذى عاصر لعازر .
إن التقمص تجده فى ديانة كالبراهمية ، أو فلسفة كالأفلاطونية ...
البراهيمون يؤمنون بتجوال الروح ، من جسد إلى جسد .
وتكون هذه التقمصات ممثلة عقوبة أو ثواباً بالنسبة إلى الروح .
وتظل هكذا إلى أن تنطلق من التجسدات إلى الملأ الأعلى . وتسمى هذه بحالة النرڤانا ، وتأتى بالنسك الشديد .
أما أفلاطون فكان يرى أن عدد الأرواح محدود . لذلك إستلزمت الضرورة أن تخرج الروح من جسد إلى جسد آخر
وهذه العبادات والعقائد ، لا علاقة لها بالمسيحية .
المصدر / كتاب سنوات مع أسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث