لا يمكن أن نقول إن هؤلاء الثلاثة كانو الثالوث القدوس ...
لأن الثالوث ليس فيه هذا الانفصال الواضح . فالأبن يقول " أنا والآب واحد " ( 30:10 ) . ويقول " أنا فى الآب ، والآب فى . من رآنى فقد رأى الآب " ( يو 10،9:14 ) . كذلك قيل عن الآب [ " الله لم يره أحد قط " ( يو 18:1 ) .
أما سجود إبراهيم ، فكان سجود إحترام ، وليس سجود عبادة .
وقد سجد إبراهيم لبنى حث لما اشترى منهم مغارة المكفيلة ( تك 7:23 ) .
وقد سجد إبراهيم لبنى حث لما اشترى منهم مغارة المكفيلة ( تك 7:23 ) .
ولو كان إبراهيم يعرف أنه أمام الله ، ما كان يقدم لهم زبداً ولبناً وخبزاً ولحماً ويقول " إتكئوا تحت الشجرة . فآخذ كسرة خبز ، فتسندون قلوبكم ثم تجتازون " ( تك 8،5:18 .
أما الثلاثة ، فكانوا الرب ومعه ملاكان ...
الملاكان بعد المقابلة ذهبا إلى سدوم ( تك 22،16:18، تك 1:19 ) . وبقى إبراهيم واقفاً أمام الرب ( تك 22:18 ) ، وتشفع سدوم ( تك 23:18 ) .
ولا رأى أبونا إبراهيم من باب خيمته هؤلاء الثلاثة ، لم يكونوا طبعا فى بهاء واحد ، ولا فى جلال واحد ، وكان الرب بلا شك مميزاً عن الملاكين فى جلاله وهيبته . ولعل الملاكين كان يسيران خلفه .
ولهذا كان ابونا إبراهيم يكلم الرب بالمفرد ، باعتباره ممثلاً لهذه المجموعة ...
وهكذا يقول له " يا سيد ، إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك ، فلا تتجاوز عبدك . ليؤخذ قليل ماء ، واغسلو أرجلكم ، واتكئوا تحت الشجرة " أى : إسمح يا سيد للأثنين اللذين معك ، فيؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم .
من أجل هذا السبب ، كان أبونا إبراهيم يتكلم أحياناً بالمفرد ، ويخاطبهم أحياناً بالجمع . مثلما يقابلك ضابط ومعه جنديان . فتكلم الضابط عن نفسه وعن الجنديين فى نفس الوقت ...
قلنا إن الثلاثة كانو الرب ومعه ملاكان . وقد ذهب الملاكان إلى سادوم ( تك 1:19 ) . وبقى الثالث مع إبراهيم ...
وواضح أن هذا الثالث كان هو الرب . والأدلة هى :
إنه الذى قال لأبراهيم " إنى أرجع إليك نحو زمان الحياة ، ويكون لسارة إمراتك إبن " ( تك 10:18 ) .
بل إن الكتاب يقول صراحة فى نفس الأصحاح إنه الرب ، فى عبارات كثيرة منها :
فقال الرب لأبراهيم " لماذا ضحكت سارة " ( تك 13:18 ) .
فقال الرب : هل أخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله ( تك 17:18 ) . وقال الرب " إن صراخ سدوم وعموره قد كثر ... " ( تك 20:18 ) .
" وانصرف الرجال من هناك ، وذهبوا نحو سدوم . وأما إبراهيم فكان لم يزل قائماً أمام الرب " ( تك 22:8) .
وقول إبراهيم " أديان الأرض كلها لا يصنع عدلاً " يدل بلا شك على أنه كان يكلم الله . وكذلك باقى كلام تشفعه فى سدوم .
وأسلوبه " عزمت أن أكلم المولى ، وأنا تراب ورماد " .
وكذلك أسلوب الرب " إن وجدت فى سدوم خمسين باراً ... فإنى أصفح عن المكان كله من أجلهم " ... لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين " " لا أهلك من أجل عشرة " ... واضح أنه كلام الله الذى له السلطان أن يهلك وأن يصفح ...
أما الأثنان الآخران ، فهما الملاكان اللذان ذهبا إلى سدوم ...
كما هو واضح من النصوص ( تك 22،16:18 ) ( تك 1:19 ) .
وقصتهما مع أبينا لوط معروفة (تك 19) .
وكون الثلاثة ينفصلون ، دليل على أنهم ليسوا الثالوث لقدوس ...
الأثنان يذهبان إلى سدوم . ويظل الثالث مع إبراهيم يكلمه فى موضوع أعطاء سارة نسلاً ويسمع تشفعه فى سدوم .
هذا الإنفصال يليق بالحديث عن الرب وملاكين ، وليس الثالوث ...
المصدر / كتاب سنوات مع أسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث